إيمان، امرأة في الأربعين من عمرها، تحمل بين طيات حياتها قصة صمود وتجدد، قصة بدأت في قرية صغيرة حيث كان الفقر والقيود الأسرية واقعاً يومياً، وزادت عليها قسوة الزواج المبكر، لتجد نفسها محاصرة بين الوحدة والصمت، تتنقل بين الألم واليأس. لكن رغم كل شيء، لم يتبدد بداخلها حلم الحرية والتعبير عن ذاتها، حلم بالألوان والحركة، حلم بصنع عالم خاص بها. حين اندلعت الحرب في سوريا، وتوالت الأحداث الصعبة التي فقدت فيها عائلتها واستقرارها، وجدت نفسها في لبنان غريبة بين جدران ضيقة، تائهة بين الاكتئاب والعزلة. في تلك اللحظة، جاءتها بصيص الأمل عبر مبادرة "كبكوبة وحكاية"، حيث لم تكتفَ بتعلم فن الكروشيه، بل وجدت فيه وسيلة لإعادة بناء روحها وعيش حياتها بشكل مختلف. مع كل غرزة، ومع كل طائر من الخيوط الحمراء والبيضاء الذي تصنعه، شعرت إيمان بأنها تستعيد جزءاً من ذاتها المفقودة، وأنها تخطو خطوة نحو الحرية والسلام الداخلي. المبادرة لم تكن مجرد مكان لتعلم الحرفة، بل كانت مساحة آمنة، قلب ينبض بالأخوة والدعم للنساء اللواتي مررن بتجارب مشابهة، مكان تنسج فيه النساء خيوط حياتهن من جديد. اليوم، إيمان ليست مجرد امرأة تعلمت الكروشيه، بل أصبحت رمزاً للطيور المحلقة، امرأة تعيد نسج حياتها بيديها، وتزرع الأمل في كل امرأة تعيش ظروفاً صعبة. قصتها ليست نهاية، بل بداية رحلة مستمرة نحو الحرية، القوة، وتحقيق الأحلام، حيث كل طائرٍ من خيوطها هو رسالة لكل من فقدت الأمل، بأن بإمكانها الطيران مجدداً. هذه ليست مجرد حكاية فردية، بل جزء من روايتنا الجماعية في "نحكي لنغير" نؤمن أن كل صوت يُسمع هو خطوة نحو العدالة، وكل قصة تُروى هي مقاومة تصنع التغيير.