امرأة صمدت أمام العاصفة

خولة، امرأة من الزبداني بريف دمشق، نشأت بين الحقول والبساتين والجبال، حيث علمتها الحياة البسيطة منذ صغرها الاعتماد على النفس والعمل بيديها في الحياكة والكروشيه، وهي مهارة رافقتها طوال حياتها. ورغم أحلامها البريئة في الطفولة والدراسة، اضطرت إلى ترك المدرسة مبكراً لتحمل مسؤوليات الأسرة، وعاشت سنوات الشباب وسط تحديات اقتصادية واجتماعية صعبة. زواجها المبكر وتأسيس عائلة لم يوقفاها عن البحث عن ذاتها، بل شكلا دافعاً لها لتقوية إرادتها وتحويل ضغوط الحياة إلى فرصة لإثبات نفسها. ومع اندلاع الحرب في سوريا، واجهت خولة تجربة النزوح القاسية، حيث فقدت الأمان والمنزل لكنها استمرت في مواجهة التحديات مع أطفالها دون أن تنكسر روحها. لاحقاً، التحقت بمبادرة "كبكوبة وحكاية"، حيث وجدت في الكروشيه وسيلة لإعادة بناء نفسها، ومع كل غرزة كانت تكتشف قدرة جديدة على التحمل والتعبير عن مشاعرها، كما وجدت في المبادرة شبكة دعم من نساء يحملن قصصاً مشابهة جعلتها تشعر بالانتماء والأمل لأول مرة منذ سنوات. بالنسبة لها لم يكن الكروشيه مجرد حرفة، بل أداة لإعادة صياغة حياتها واستعادة شعورها بالقيمة والقدرة على تحويل الألم إلى إبداع. اليوم، لم تعد خولة مجرد امرأة تجاوزت الصعاب، بل أصبحت نموذجاً حياً لقوة الإرادة والإبداع، قادرة على مواجهة تحديات الحياة وبناء مستقبل أفضل لنفسها ولأطفالها، ومع كل قطعة تصنعها تواصل نقل رسالتها الأهم: أن الحياة، مهما كانت قاسية، تمنح دوماً فرصة جديدة لإعادة النسج والبداية من جديد. وهذه ليست مجرد حكاية فردية، بل جزء من روايتنا الجماعية في "نحكي لنغير"، حيث نؤمن أن كل صوت يُسمع هو خطوة نحو العدالة، وكل قصة تُروى هي مقاومة تصنع التغيير.

  • النوع
    pdf
  • عدد الصفحات
    6 صفحات
  • التاريخ
    ١٧ أيلول ٢٠٢٥ م